|
بكثير من الغضب وعدم الرضا تابعت عائلة “صبّارة” يوم أمس المسيرة السلمية التي جابت بعض شوارع مدينة قفصة وارتفعت فيها شعارات تنادي بالكرامة وتدين عدم استقلالية القضاء، لكنّ المتظاهرين رغم أن بعضهم كان يحمل صورا للطفل “قيس صبّارة” كان أكبر همّهم التنديد بالحكومة لا المطالبة بإطلاق سراح الطفل…
قيس صبّارة هو طفل تونسيّ من عائلة تكاد لا تجد قوت يومها، وقد نال يوم 7 ماي الجاري حكما بالسجن النافذ لمدّة 5 سنوات كاملة بتهمة إحراق مركز شرطة في مدينة قفصة..قيس صبّارة لم يقتل شهداء الثورة، ولم ينل مناصب بفضل امنتمائه على التجمّع الدستوري، لم يصبح ثريّا بفضل نسبه مع الطرابلسية، ولا يملك قناة فضائية تبثّ الفتنة بين التونسيين..قيس صبّارة طفل عاديّ من اطفال تونس لا يملك أن يتدلّل على والده ليشتري سيّارة أو ليدرس في الخارج، بل لا يملك حتى ان يتدلّل لشراء حذاء جديد أو بدلة في العيد..طفل ضمنت له قوانين العالم أنّه طفل لا يدخل سجون الكبار، وضمنت له الشرائع والقوانين حقوقا من أقلّها حقّ المحاكمة العادلة، وحقّ أن يتمتّع “المتّهم” بالشكّ، لكنّ محاكمة قيس صبّارة وإدانته انبنيا على قرائن غير واضحة وشهادة مطعون فيها..
الإعلام أو لنقل عدد من الصحف والمواقع التي لا مبرّر لوجودها سوى رأسمال فاسد يبحث عن سندٍ إعلاميّ لا تهتمّ لحالة قيس وعائلة صبارة..ولا يمكن أن تهتمّ: فليس لهم ما يدفعون لهم..والأحزاب، أو لنقل بعض الأحزاب التي لا تتعب من الحديث عن “الزوالي” لم يهمّها من مأساة عائلة قيس صبّارة إلا أنّها مبرّر لمسيرة أخرى ضدّ الحكومة ثمّ يعود المتظاهرون إلى منازلهم فرحين مسرورين، ولا أحد يفكّر في ما يمكن أن يحدث لطفل في عنابر السجون، ولا في ما يمكن أن يحرق قلب أمّ في يوم مثل البارحة يحتفل فيه الجميع بعيد الأمّهات..
قيس صبّارة..طفل حتّى بمعايير القوانين التونسية..لكنّ الطفولة في بلدي إمّا مشرّدة بين متسوّلين وباعة مناديل ورقيّة ونشّالين..أو في مدارس لم نعد نعرف إلى أيّ مدى تصحّ عليها تسمية مدارس، أو في شوارع تمنحهم فرص التشرّد الآخر بين دعارة ومخدرات..فهل تحتاج صفوف المنحرفين إلى تعزيزها بطفل آخر؟؟
قيس صبّارة..طفل في الـ17 من عمره، يمكن أن يكون ابني أو ابنك، لكنّه اليوم، وخلال السنوات الـ5 القادمة، وخلال ما بقي له من عمر لن يكون سوى يتيما: يتيم الثورة، يتيم الوطن، يتيم الظلم الذي ما زال متواصلا: السجن للفقراء والبائسين، والصحافة والأحزاب والفنادق والأموال للصوص، لصوص الأمس، ولصوص اليوم، ولصوص الوطن إلى الأبد.
اقرأ أيضا:
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire